لا يخفى على مطلع أهمية الإدارة، إذ أصبحت أهميتها متزايدة في جميع المجالات دون استثناء، بل أن المجال أو العمل الذي يُغفل أهمية الإدارة ولا يوليها أهميتها، يُصبح مع الوقت القريب مُهدد بالفشل والسقوط. إن الإدارة في واقعها هي علم من جانب وفن من جانب أخر، فعلم الإدارة هو: تلك الأسس التي تقوم وترتكز عليها الإدارة، أما فن الإدارة فهو: الطريقة الفنية الاحترافية التي تُدار بها أسس علم الإدارة وتُحقق بها أهداف العمل.  

       وتتنوع أساليب الإدارة باختلاف طبيعة الإدارة ونهج المدير، إلا أنهما يشتركان في عنصر المرونة؛ فمتى ما وجدت المرونة في العمل الإداري وعمل بها المدير؛ حقق بذلك العمل أهدافه.

ولكون أن الإدارة طالت جميع المجالات وتُعد عامل مؤثر فيها، فلعلنا نسلط الضوء حول إدارة المشاريع القانونية. 

       إن المشاريع القانونية لا تقل حاجةً عن المجالات الأخرى للإدارة، فالمشروع القانوني في طبيعته يقوم على أساسين: العمل القانوني وإدارة العمل القانوني. وإدارة المشاريع القانونية هي مجال متخصص في إدارة المشاريع بشكل عام، ولكنها تركز على التطبيقات القانونية التي تتطلب مهارات ومعرفة قانونية متعمقة. ولهذا فإن هدف إدارة المشاريع القانونية هو تحقيق نتائج قانونية محددة ضمن الوقت والميزانية المحددة، مع ضمان الامتثال لجميع المتطلبات القانونية.

       وتُعرف إدارة المشاريع القانونية بأنها: إدارة عملية تخطيط وتنظيم وتنفيذ ومتابعة المشاريع القانونية بطريقة منهجية ومنظمة. ويتضمن ذلك: تقديم استشارات قانونية، والتعامل مع النزاعات، وتطوير العقود، وإدارة العمليات القانونية الخاصة بالشركات أو الأفراد. كما أنها قد تشمل القضايا القانونية المعقدة مثل: التدقيق في الامتثال القانوني، وحل النزاعات التجارية، وإعداد الملفات القانونية لإجراءات التقاضي.

       وتكمن أهمية إدارة المشاريع القانونية في نقاط منها:

أولا: الكفاءة والفعالية: فإدارة المشاريع القانونية تساعد في تنظيم العمل وتوزيع المهام القانونية بين فريق العمل، مما يساهم في تحسين الكفاءة وتقليل التأخيرات والتكاليف.

ثانيا: الامتثال القانوني: تضمن إدارة المشاريع القانونية الالتزام بكافة القوانين واللوائح المعمول بها، ما يساعد في تجنب المخاطر القانونية.

ثالثا: إدارة المخاطر: تساهم إدارة المشاريع القانونية في تحديد المخاطر المحتملة بشكل مبكر، مما يساعد في تطوير استراتيجيات لتخفيف تلك المخاطر.

رابعا: تحقيق الأهداف القانونية: ويكون ذلك من خلال التخطيط السليم، ويمكن للمشاريع القانونية تحقيق أهدافها ضمن الأطر الزمنية والميزانية المحددة.

       وفيما يتعلق بعملية إدارة المشاريع القانونية، فتتكون تلك العملية من عدة مراحل أساسية تتمثل في:

أولا: التخطيط: وتبدأ أي عملية قانونية بتحديد الأهداف القانونية للمشروع وتخطيط كيفية تحقيقها. وهذا يشمل وضع استراتيجيات التعامل مع القضايا، وتحديد الموارد القانونية المطلوبة، وتوزيع المهام بين الأفراد أو الفرق القانونية.

ثانيا: التنفيذ: وفي هذه المرحلة، يتم تنفيذ الخطط الموضوعة، مثل: إعداد المستندات والملفات القانونية، ومتابعة القضايا، والتفاوض على العقود، كما يتم خلالها التأكد من سير العمل وفقاً للجداول الزمنية المحددة.

ثالثا: المراقبة والمراجعة: إذ يتطلب المشروع القانوني مراقبة دقيقة للمتغيرات من خلال تتبع تقدم الأعمال القانونية والالتزام بالمواعيد النهائية. كما يتم تقييم الأداء القانوني بشكل دوري للتأكد من عدم وجود انحرافات.

رابعا: الإغلاق والتقييم: وفي هذه المرحلة، يتم الانتهاء من المشروع القانوني، ويتم تقديم التقارير النهائية، وتحليل ما تم إنجازه. ويعتبر التقييم النهائي مهما لتحديد الدروس المستفادة لتطبيقها في المشاريع المستقبلية.

       وجدير بالذكر، أن العقبات والتحديات أمر محتمل ووارد في أغلب الأعمال حتى تصل تلك الأعمال إلى الإنجاز والنجاح، ومـن التحديــات التي قد تواجه إدارة المشاريع القانونيـة:

أولا: التعقيدات القانونية: إذ تُعد القوانين المتغيرة والمُعقدة أحد أكبر التحديات التي قد تواجه مدير المشروع القانوني، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الكبيرة والمتوسعة.

ثانيا: الميزانية المحدودة: في بعض الأحيان، قد تكون الميزانية المخصصة للمشروع القانوني غير كافية لتغطية كافة التكاليف، مما يتطلب مهارات قوية في إدارة الميزانية.

ثالثا: إدارة الفريق المتعدد التخصصات، إذ يتطلب المشروع القانوني غالباً التعاون بين فرق متعددة التخصصات (محامون، مستشارون، ماليون… إلخ)، مما قد يؤدي إلى صعوبات في التنسيق والتواصل -في بعض الأحيان والحالات-.

رابعا: التعامل مع العملاء: يجب أن تكون هناك علاقة قوية مع العميل لضمان تلقي التوجيهات بشكل صحيح وتنفيذ الأهداف القانونية المطلوبة.

       وتأسيسا على ما سبق، يتضح لنا أن إدارة المشاريع القانونية ليست مجرد عملية تنظيمية فحسب، بل هي عنصر أساسي لضمان نجاح الأعمال القانونية وتحقيق نتائج فعّالة. كما تُعد تلك الإدارة جزءاً أساسياً من استراتيجيات النجاح في المؤسسات القانونية. ومن خلال تطبيق الأساليب المتقدمة في إدارة المشاريع، يمكن تحسين فعالية العمل القانوني، وتقليل التكاليف، وتعزيز مستوى الخدمة المقدمة للعملاء. كما أن هذه الممارسات تساهم في تحسين الامتثال القانوني وتقليل المخاطر المرتبطة بالمشاريع القانونية المعقدة.

القانوني/ عمر الشهري

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *